هي آسية بنت مزاحم بن عبيد الديان بن الوليد الذي كان فرعون مصر في زمن يوسف عليه الصلاة والسلام، وقيل إنها كانت من بني إسرائيل من سبط موسى عليه الصلاة السلام وقيل كانت عمته.
كانت آسية تعيش في أعظم القصور وأفخمها إذ كان قصرها مليئاً بالجواري والعبيد والخدم أي أنها كانت تعيش حياة مترفة منعمة، فقد كانت زوجة للفرعون الذي طغى واستكبر في زمانه وادعى الألوهية وأمر عبيده بأن يقدسوه هو لا أحد سواه، وأن ينادوه بفرعون الإله والعياذ بالله.
ما أن يذكر اسم آسية امرأة فرعون حتى تراود الأذهان قصة سيدنا موسى عليه السلام وموقفها عندما رأته في التابوت.
فقد كان لوجهه المنير الذي تشع منه البراءة أثر كبير في نفسها، فهي من أقنع الفرعون بالاحتفاظ به، وتربيته كابن لهما، في البداية لم يقتنع بكلامها ولكن إصرار آسيه جعله يوافقها الرأي وعاش نبينا موسى عليه السلام معهما وأحبته حب الأم لولدها.
عندما دعا موسى عليه السلام إلى توحيد الله تعالى آمنت به وصدقته، ولكنها في البداية أخفت ذلك خشية فرعون ثم ما لبثت أن أشهرت إسلامها واتباعها لدين موسى عليه السلام، فجن جنون الفرعون وحاول عبثاً ردها عن إسلامها وإعادتها كما كانت في السابق، فتارة يحاول إقناعها بعدم مصداقية ما يدعو له موسى عليه السلام وتارة يرهبها بما قد يحل بها من جراء اتباعها لموسى عليه السلام، لكنها كانت ثابتة على الحق لم يزحزحها فرعون في دينها وإيمانها مقدار ذرة.
سأل فرعون المقربين منه عن رأيهم فيما يفعل بها، فأخبروه أن يقتلها لعظم ما فعلته من وجهة نظرهم، فقام الفرعون بربط يديها ورجليها بأربعة أوتاد وألقاها في الشمس، حيث الحر والأشعة الحارقة ووضعوا صخرة كبيرة على ظهرها.
ومع كل ذلك صبرت آسية وتحملت الشقاء طمعاً بلقاء الله عز وجل والفوز بالجنة، لاعتقادها القوي بأن الله لا يضيع أ جر الصابرين.
وقبل أن تزهق روحها الطاهرة دعت آسية المولى عز وجل أن يتقبلها في فسيح جناته وأن يبني لها بيتاً في الجنة.
قال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) "التحريم".
وقد بني لها الله عنده بيتاً في الجنة، واستحقت أن يضعها الرسول صلى الله عليه وسلم مع النساء اللاتي كملن، عندما قال: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
وروي عن ابن عباس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خطوط أربع في الأرض وقال أتدرون ما هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم فقال صلى الله عليه وسلم أفضل نساء الجنة أربع خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون".