كان يونس بن متى نبيا كريما أرسله الله إلى قومه فراح يعظهم وينصحهم، ويرشدهم إلى الخير، ويذكرهم بيوم القيامة، ويخوفهم من النار، ويحببهم إلى الجنة، ويأمرهم بالمعروف، ويدعوهم إلى عبادة الله وحده.
وظل ذو النون (يونس عليه السلام) ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد.
أحس يونس عليه السلام باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، فخرج من بلدته وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيام.
وبرغم أن القرآن الكريم لا يذكر تحديدال أين كان قوم يونس لكن المفهوم أنهم كانوا في بقعة قريبة من البحر، ويقول أهل التفسير أن الله بعث يونس عليه السلام إلى أهل (نينوى) القريبة من أرض الموصل.
قاد الغضب ينس عليه السلام إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة، ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم، فلما خرج من قريته وتأكد أهل القرية من نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون فآمنوا أجمعين فكشف الله سبحانه وتعالى عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم لنبيهم.
أما السفينة التي ركبها يونس، فقد هاج بها البحر، وارتفع من حولها الموج وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة ولابد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق.
اقترع ركاب السفينة على من يلقونه في البحر فخرج سهم يونس وكان معروفاً عندهم بالصلاح فأعادوا القرعة، فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة، لكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه في البحر أو ألقى هو نفسه.
التقم حوت ضخم يونس فور سقوطه في البحر لأنه تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها, وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له، وأوحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر له عظما واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس في بطن الحوت، فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام، ومنهم من قال سبعة.
عندما أحس يونس عليه السلام بالضيق في بطن الحوت، سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين. وقال: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فسمع الله دعاءه واستجاب له. فلفظه الحوت. (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون).
خرج يونس عليه السلام من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطىء. وأنبت الله عليه شجرة القرع، قال بعض العلماء فيها أن ورقها في غاية النعومة وكثير وظليل ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نياً ومطبوخاً، وبقشره وببزره أيضاً. وكان هذا من تدبير الله ولطفه، فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم.
وقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى" وقوله عليه الصلاة والسلام: "من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب".